الخميس، 25 نوفمبر 2010

"سراج الدين" في موكب عزرائيل


"موكب عزرائيل"!.. يبدو عنوانًا كئيبًا منفرًا، لكنه الأنسب للحالة التي تتخلل الرواية في تأرجح بين اليأس والأمل، فالكاتب هنا - رغم قتامة العنوان - يبث في نفوسنا الأمل، وإن كان مقرونًا بإيماننا نحن به.
الرواية للكاتب الشاب (سامي سراج الدين)، من إصدار دار "أكتب" صيف 2010، وتصميم غلافها للفنان الشاب (عبد الرحمن حافظ) الذي عكس حالة الرواية بأكثر من التعبير المباشر عن اسمها..
"هكذا يرى الناس الحياة من على أرض بلادنا، مجرد خيوط متشابكة يبحثون من خلالها على ثغرة ينفذون منها.. فلا يجدون. منهم من يبحث عنها في خطب المشايخ.. ومنهم من يبحث عنها في قصة حياة جيفارا.. ومنهم من يبحث عنها في كتاب هتلر، بل وأغلبهم قد يأس من البحث عن تلك الثغرة ووفر جهده للبحث عن قطعة خبز في سلة مهملات، أو في جيوب الآخرين... هذه هي بلادنا".
تلك العبارة على الغلاف الخلفي للرواية، هي في الحقيقة عبارة بلاغية دقيقة تمثل مختلف التوجهات المتخبطة لشخوص الرواية، والتي لا تنتهجها إلا طمعًا في معيشة آدمية.. وغالبًا لا تفلح.
في غروب مأساوي نبدأ.. تلفظ (شمس) أنفاسها على يدي (إبراهيم)، بعدها يعود بنا (سامي) في "فلاش باك" ليستعرض حياتهما حتى لحظة الحدث، متخللًا ذلك بالتاريخ السياسي لبلدهم، والذي من الممكن أن يكون أي من بلادنا دون استهداف معين ولكن بإسقاط واقعي.
وعلى اعتبار أن أغلب قلوب البشر "كاروهات".. "كاروه" أبيض و"كاروه" أسود وليس بياضًا أو سوادًا مطلقًا، نجد (سامي) هنا جعلنا نعي بمهارة شديدة تلك النسبية البشرية في شخوصه. فليس من بينها قديسًا أو حتى شيطانًا.
فـ (شمس)، كما الحياة.. كما الوطن.. وديعة وحانية ومحتوية، حتى لـ (إبراهيم) المنحرف نسبيًّا رغمًا عنه، وفي احتوائها لانحرافه "كاروه" أسود في صفحتها.
الأبناء والإخوة، شعرت بهم شخوص لملء الفراغات المنطقية، فلم تستغل في السرد جيدًا بينما كانت يمكن أن تعكس أحداثًا أغزر للتاريخ الذي رسمه (سامي) لتلك البلاد.
الأم، ناغز الضمير الوحيد لـ (إبراهيم) فهي - في ندرة حقيقية وخيالية - بيضاء نقية بلا أي "كاروهات".
العم (رشاد)، تشعره أسود من حياته البوهيمية - كرسام - والمبخرة بأدخنة الحشيش، لكنه في الحقيقة مثال للمقهور بواقع يدركه - بحكم ثقافته - وتمنى ألا يفعل.
الزملاء، يمثلون الاتجاهات المتخبطة في المجتمع. فالبعض ديني والبعض الآخر اشتراكي أو رأسمالي، والكثيرين بلا اتجاه سوى لقمة العيش، وهؤلاء هم متعادلي "الكاروهات"، أبيضها وأسودها.
(إبراهيم) و(رضوان)، وجهان لعملة واحدة.. طرفي النقيض.. ولو تبادلا الأماكن والظروف لانتهج كل منهما ما لام عليه الآخر.
(إبراهيم) مواطن بسيط محور الرواية بظروفه وهمومه وتبعات تغيرات المجتمع عليه التي حولته لنموذج سلبي اعتيادي، شخصية تُؤثر "المشي جنب الحيط" طالما أن أهله وبيته بعيدين عن الأحداث، وتلك أول "كاروهة" سوداء في نقائه، تتكون بداخله حسرة لأنه كسر إطار المثالية التي عاش عليها أبيه وتتندر بها أمه في كل مناسبة، لكنه ماذا يفعل لمواجهة أعباء المعيشة سوى أن يترك درج مكتبه "مواربًا" لحساب الأوراق المستعجلة؟!.. وتبقى تلك هي "الكاروهة" السوداء الأخرى في حياته والتي يواجه بها (رضوان) في تبجح لأنه المتسبب بها، ولو حسبنا النتيجة على طريقة أهداف مباريات كرة القدم نجدها واحد إلى صفر لصالح "الكاروهات" البيضاء، حيث اصطبغت السلبية بشجاعة (إبراهيم) في النهاية بالمواجهة.
(رضوان) رئيس البلاد، في الأساس ضابط جيش صارم.. ملتزم.. نقي السريرة وذو مبدأ، حتى تقلد الكرسي فأصبح كل هذا مجرد لمحات تظهر منه فقط تحت وطأة الضمير أو الخوف من ثورة الناس.
عرض (سامي) في تفصيل للتاريخ السياسي للبلاد بشكل رائع من خلال تاريخ حياة (رضوان) نفسه، فأصبح السرد التقديمي في بداية الرواية من وجهة نظري زائدًا خاصة أن به فراغات امتلأت فيما بعد من خلال الحديث عن (رضوان).
تحولت حياة (رضوان) للنقيض من حياة (إبراهيم)، سواد من استبداد وبطش وقهر فرضوا عليه قبل أن يفرضهم هو على شعبه، لا يتخلله سوى بقعة نقية وحيدة ومهزوزة تمثلت في خوفه الدائم من الخالق وإن لم يستطع خوفه هذا أن يردعه، ربما لقوة التيار الفاسد الغارق فيه حتى النخاع.
يتجاهل طرقات الضمير الوهنة المختفية خلف غضبه المكبوت لفقده السيطرة على الفساد والفاسدين حتى أضحى منهم ومثلهم، حتى أنه يكون المتسبب - بموكبه البذخ - في مأساة الغروب في بداية العمل!
ترحل (شمس) لتتكشف بعدها كل الوجوه، يترك (إبراهيم) سلبيته.. ويترك (رضوان) بطشه ويعيش لفترة في رعب من شعبه الذي بدأ صوته في الارتفاع كما فعل (إبراهيم) وفعل من حوله فيما بعد....
(إبراهيم).. لا يعرف كيفية التعبير فيما يبدو من كثرة تعوده الصمت، ولا يعرف أي التيارات أصح.. الاشتراكي أم الرأسمالي أم الديني أم النفعي، ويحاول تجربة الجميع، لكنه أضحى إيجابيًّا بأية حال.
(رضوان).. يدفع ثمن البطش وحده، رغم أنه ليس المتسبب به وحيدًا. يكتب بدمه نهاية لحكمه الفاسد، دون أن يدري الشعب هل من يليه لن يُفسد؟!..
جعلنا (سامي) - في اقتدار - نتعاطف مع الطرفين، الظالم والمظلوم حين أوغل بداخلنا شعورًا أن لو كان أحدهما في موضع الآخر لانتهج نفس سيرته الأولى، إذن...
تنتهي المباراة بينهما للتعادل السلبي، ولكن يبقى سؤال...
إلى متى سنبقى نشاهد؟.. فالحق بيّن والباطل بيّن، وأيضًا بيّنة كل التيارات التي تحاول جاهدة إصلاح الواقع، علينا فقط أن نعتنق أحدها كي لا نرحل موقنين من ظلمنا لأنفسنا كـ (رضوان)، أو غير مدركين لحقيقتها كـ (شمس)، أو نحيا بلا هدف كـ (إبراهيم).

"محمود منسي" إنسان.. بدائي - 2



(2)

بدأنا في الحلقة الماضية التعرض للمجموعة القصصية الجديدة للكاتب الشاب (محمود منسي)، "مشاهد مختلفة من حياة إنسان بدائي"، الصادرة عن دار "هفن" للترجمة والنشر.
وكنا توقفنا في تأهب عند القصة صاحبة عنوان المجموعة، "مشاهد مختلفة من حياة إنسان بدائي". بدت لي كتخاريف مهووسة، لكن في كل مشاهدها انعكاس لمتناقضات نحياها في كل شيء.. الغريزة والرغبة السرية.. عدالة الحُكام وتحولهم بلا مبالاتهم لأحادي القرن!..
بين الدين والتدين وحتى في هذا التناقض بين التخاطب بالألسنة أو "بالعافية".
في "موس حلاقة" تساءلت، أليس في الحب وفاء سوى مع الرحيل؟!.. تفاصيل القصة خفيفة الحركة كعادة (منسي)، لكن أن يسلك المحب أمراً لمجرد الوفاء لحبيبته وفي النهاية ينتظر الموت مبتسماً... نهاية قاتمة رغم تناسب تلك القتامة مع وفاءه لها.
ونراه بعد فترة يقتحم عالم الفتيات في "مائل للحرارة"، يتحدث بشعورهم ويدخلنا أيضاً بكامل ارادتنا حتى نصل لصدماته المعتادة بين السطور حين تحاول الفتاة استشفاف فكر رجلها من خلال مذكرات أخيها الخاصة حول حبيبته... أو رفيقته إن جاز التعبير.
وابتسم رغماً عني اعجاباً، فليست كل عناوين (منسي) غريبة بقدر ما هي مناسبة للنص. لكن هنا يلخص اليوم بأكمله في "ملخص ما تم نشره" في تلك الحكمة التي نقرأها على نتائج التقويم يومياً!...
وبالطبع تجاهل مواقيت الصلاة يدل على تركيبة الشخصية بشكل بسيط ونافذ في آن واحد. شخص لا مبالي لا يتخذ أي فعل إيجابي أبداً، ومن بين زوجة مرتبة وحبيبة متلهفة يرحل بقرار أول ووحيد.
"أحادي القرن"، امتهان خرافي للإنسانية تسخر منه في النهاية رغم الألم، فهي ستبقي إنسانية!
ولا أدرى أكان علي الابتسام في "هي وهي" لتدافع المعاني بشكل جميل، أم أحزن..
على أي حال قد مثل (منسي) جيداً من بيده سلطة يستخدمها لأغراضه هو، ومن منطلق "حاميها حراميها" لا يوقفها رغم فاحشتها بل يتركها تمارس رذيلتها طالما... معه!
ما أصابني هنا التأمل.. "بنحب ربنا".. مشاعر طفل مسيحي يتساءل عن جدوى الديانات إن كانت تفرقنا- وهي في حقيقتها لا تفعل بل نحن نفعل. وتساءله البريء:
"ليه ما خلوناش كلنا نحب ربنا ونخش الجنة؟"
يواجهنا كلنا فيه، كلا الديانتين "بتحب ربنا"... فلماذا التفرقة؟!
وفي "قطار"، رغم مساعدته لها على اللحاق بالهدف وتعرضه هو للسقوط كي تعلو هي وتلحق هدفها إلا أنه حين يسقط تطأه لتصل رغم ذلك للهدف من دونه.
في النهاية شعرت في (محمود منسي)، ثورة كامنة، وأدلل عليها بتركيزه فى مواضع كثيرة على حالات اللامبالاة بمختلف صورها. وفي المجمل استمتعت بخفة أقاصيصه وذكائها.
وإلى عمل جديد أستودعكم الله.

"محمود منسي" إنسان.. بدائي - 1


(1)

"عندما كنا نقرأ سورة يوسف تمنينا أن نكون مكان نبي الله يوسف، ليس لأنه نبي الله وليس لأنه أجمل خلق الله ولكن لأن امرأة العزيز قالت له "هيت لك. فلو كنا مكانه لقلنا لها هيت لكِ
وليرانا بعد ذلك العزيز وليفعل بنا ما يشاء"
توقفت قليلاً أتأمل تلك السطور المتصدرة خلفية المجموعة القصصية "مشاهد مختلفة من حياة إنسان بدائي" للكاتب الشاب (محمود منسي)، والصادرة عن دار "هفن" للترجمة والنشر.
تذكرت هنا قولاً حكيماً عن معنى الشجاعة، وأنها ليست ألا يخاف الإنسان بل هي أن يقدم على مواجهة خوفه رغم ذلك الخوف. كذلك أرى الفضيلة ليست مبدأ نردده ولكن، أن يمكننا أن نقول لامرأة العزيز- ونحن تحت تأثيره فتنتها- "إنَّا نخاف الله".
وفي مرور سريع على قصص المجموعة- الستة عشر- أصحبكم معي للاستمتاع والتأمل.
لم تفارقني ابتسامتي لكلمات (محمود) في الخلفية واستمرت معي وأنا أقرأ "مذكرات مستهتر"، فأحداثه حقيقة جداً وصريحة حد الحدة. وإذا أردنا اختصار كل معاني مثالية الحب والوعود، ومواجهته لارتباط المستقبل المزدهر بالمادة والمركز المرموق.. والعروس، وفي النهاية تكسر وعدين حالمين ولكن بلا دموع.. سنقرأ "دبلة".
أما "أثر رجعي"، فبدت لي من السطح ككابوس مزعج لكن بمفردات البيت والأهل والرجل الممتلئ نقوداً يبتاع بها البيت بلا اعتراض- كأنما النقود الوفيرة ثمن كاف لرقهم على أرضهم المنتزعة من صاحبها عنوة بعد أن رفض الصفقة، لكن في النهاية وجدته استعماراً إرادياً ربما.
حين تملأنا الأوهام قد نضخم ذواتنا بشدة لدرجة لا يمكننا معها إدراك حقيقتنا مرة أخرى.. فتضيع تلك الحقيقة مشتتة كـ "ظلال".
"لامبالاة" رائعة، ليست اللامبالاة كصفة هي الرائعة بالطبع ولكنها "لامبالاة" (محمود منسي)
فهو دقيق الوصف والتشبيهات، قريب من الأذهان ورمزيته ليست مرهقة بالمرة. يصور في "لامبالاته" حالة التبلد المتفشية في مجتمعنا أمام الاغتصاب السوري- المسكوت عنه- للفتيات الواحدة تلو الأخرى- الشعوب- وتحول حتى الشجب والاعتراض إلى.. لا مبالاة حتى بالتأفف.
(محمود) يمس الكثير بقلمه، وفي "ماما" ترسم كلماته البسيطة النافذة معنى الجمود الديني بشكل مذهل، فنكتشف تربية نفوسنا على الخوف من البشر أكثر من خالقهم عز وجل.
في "عتمة الليل" يدور ويدور.. كترس في آلة الحياة بلا حس أو شعور، فيعيش بعيداً حتى عن ذاته بين أدخنة المخدر، مشاهداً سلبياً حتى لأحداث حياته هو.
ربكة إبداعية نجدها في "سقوط متعمد".. لقطات مبتورة تجبرنا على شدة الانتباه لأحداث متداخلة في نفس اللحظة التي يعيشها الشاب داخل الحافلة مسرح الحدث. ونجد أن السقوط المتعمد هنا ليس لقطة من الأحداث ليستمتع الشاب بجسد التي بجواره فى الحافلة، بل هو سقوط بعض جزيئات الحدث التي لن يعيدها الشاب على نفسه ليسردها لنا- كما في الأفلام- لأنها جزء من تاريخه بالفعل.كانت تلك بعض انطباعاتي على جزء من مجموعة (محمود منسي) الجديدة..

الأحد، 21 نوفمبر 2010

"سامية أبوزيد" تكتب.. مسألة مبدأ


كنا دوماً على خلاف معها حول ما إذا كانت تصنف كقاصة أم لا، وكنا رغم اقتناعنا برأينا- أنها قاصة متميزة- نشك أحياناً في موضوعيته لأننا نحب فيها الإنسانة قبل الكاتبة المعلمة.
لكن حين ينصف رأينا د. (عبد المنعم تليمة) ويؤيد مصداقيته بمكانة أ. (سامية أبوزيد) كقاصة مبدعة، فهذا يحسم القضية.
في قراءتي لمجموعتها (فرشاة أسنان وحيدة) أنا لست بناقدة، ولكني شعرت بخط يربط الثلاث وعشرين قصة، اندهشت مني أستاذتي حين أفضيت لها به. فعادة في القصص نجد من يتعرض لمشكلة ما بالتفنيد والإيضاح والإبراز ليضعها لنا في بؤرة الضوء علنا نهتدى بهذا لحل لها، هكذا بلا حل يقدمه. أو أن يتجاوز الكاتب هذا إلى حل يقترحه للمشكلة.. وفي النهاية كلاهما قد يُلام.
فيُلام من لم يعطى حلاً لتركه الأمر منعقد حتى النهاية كأنما نطالبه بمعجزة في بضع سطور، والآخر يُلام إن لم يتناسب الحل مع الجميع كأنما حله يجب أن يكون "أوول سايز" لنا جميعاً.
لكن ما فعلته أستاذتي هنا يخالف الأمرين، فبعد التفنيد والإيضاح أنتظرت لأرى على أي الضفتين سنرسو لأفاجئ بها0 غير مندهشة- تمنحنا كلمة السر!.. فتضع معادلة تبرز لنا بها كيف يمكننا التفكير للوصول إلى حل يتناسب مع كل منا. لم تمنحنا حلاً فتُلام ولم تمسك يدها عنه فيحدث لها المثل..
فنجد في "صفعة مؤجلة" سلسلة من التنازلات تفاجئت البطلة بأنها تقدمها لسبب أو آخر، ففي البداية تنازلت عن مبدأ رفض عمالة الأطفال لتعيين بمنزلها طفلة للعمل واكتفت بمبرر أنها لا تسيء معاملتها- وقد كانت كذلك بالفعل- لكنه بقي تنازلاً عن مبدأها ساقها بعد فترة لتنازل آخر أساءت فيه معاملة الخادمة الطفلة لجُرم اقترفته الأخيرة.
وفي النهاية تنازلت للحظات عن مبدأها في التخلي عن الضرب كوسيلة لمعاملة أطفالها حين صفعت طفلها الصغير وبقيت تؤنب ذاتها ليس لشيء سوى لاكتشافها أن سلسلة التنازلات قد انعقدت حول جيدها.
لم تعطينا أ. سامية حلاً بل أعطتنا معادلة الحل، قانون العمل الذي يمكننا أن نسترشد به وتكون مسئوليتنا بعدها الوصول للنتائج أو الحلول.
فالانسان + قناعاته الخاصة = مبادئه
وعليه فكل منا عليه التحقق من أطراف المعادلة جيداً لكي يصل للنتيجة، فالعامل المفتقد من
المعادلة لدى كل منا يختلف عن الآخر، فكيف بها إذن ستقدم لنا حلاً يرضى جميع الأطراف؟!
وإذن لكي لا تتلبسك سلسلة التنازلات تلك عليك التمعن أين أنت من المعادلة المرشدة للأستاذة، ما الذي تفتقده إن وقعت في التنازل؟.. هل بعض من إنسانتيك أم جزء من قوة قناعاتك الخاصة؟.. وعلى هذا الدليل سر.
أيضاً في "حبس إنفرادي" لم تكن المشكلة بمفهومها الكامل، بل كانت معاناة وحدة ويأس يصر على الإطباق على حياة البطلة. وكادت الأستاذة أن تصرخ لنا من بين سطورها بالمعادلة المطلوبة
الأمل = الحياة أو الحياة = الأمل
فالطرف الأيمن يتحدد وفقاً لأولويات كل منا، فمنا من يحرص على الأمل ليحيا ومنا من يحرص على الحياة لما يأمله غداً.
لكن في النهاية، لولا الأمل ما استطاعت البطلة أن تستمد الحياة من شعاع ضوء هزيل متجدد يومياً- ولا يجدده سوى أملها في رأيي.
وعلى نفس النسق سارت باقى المجموعة، فمن بين معادلات الكيميائية (سامية أبوزيد)، خرجت لنا القاصة (سامية أبوزيد) بتأملات مدققة للنفس البشرية وتباين مآربها ووجدت حلاً يرضى الجميع.. ولكن فقط حين يعملون عقولهم حقاً.

أحلامه ليست شكسبيرية.. فحسب -3


(3)

عدنا لنختتم جولتنا البديعة بين أسطر ديوان "أحلام شكسبيرية" للشاعر (شعبان يوسف) الصادر عن دار "هفن" للترجمة والنشر। تستمر معنا اللمحات الرومانسية- التي هي فيما يبدو سمة شاعرنا، فنراه في "كادت॥ وكدت" يشرك حتى الجماد في لحظات الهوى، فها هو ذا عاشق متوثب الحس في رقة وتهور يراها ملاكاً.. طيفاً منيراً يغتر به حتى مقعدها الجالسة عليه فـ "يتطاوس" خيلائاً. وحواراً بينه وبينها يشكو لها فيه أنه فقد الكلم في حضرتها لكنها تشجعه على المضي شعراً:

قالت: أنت الآن صديقي
أنت الآن، وبعد الآن رفيقي
قالت: اكتب
وحين نطق لا يمنحها فرصاً إلا لهواه:
قلت: سأفتح في الجدران الصلبة باباً
حتى يدخل نورك
حتى تشرق شمسك،
حتى أقدر أن أستقبل بعض جمالك
حتى أشعل تحت سمائك.. روحي
شهقت!
قلت: أرتل اسمك

تطالبه حينها أن يتريث وأن يبقي عند الباب صديقاً، فيجيب أنه سيحاول ويتابع غير مقتنع:

أو سأعالج نفسي
قالت:اهدأ
واعلم أن جمالاً ينهض في الأرواح ويبقي
شالت كل غيوم كادت تهطل
نهضت
لتحسم لحظة هوى مشتعلة بكلمات من أرق ما يكون

أما في "تهويمات" فقد احترت متوقفة عند عدة مقاطع لا يمكنني نقلها جميعاً، فكلها بديعة। يصف حال ناسك متأمل يقص الماضي في حماسة ينهمر دمعه معها، ناسك حماسي آمل في الغد وينتظره ويصرخ:

أنت الأمل الطالع من شرفات الكون الواسع
أنت (تلمين شتاتي
وتصبين الموسيقي الرحبة في فوضى ذاتي)

"أنتِ" المخاطبة هنا اتضح لي أنها شمس الغد، التي يخاطبها في هيام عاشق لا يتوفر عادة في النُساك، فلا ندري من تلك الشمس المقصودة:

أعرف أن بخور هواك يصعد- حتماً-
في أرجاء المنزل
أعرف أن صفاتك يصعب أن أجمعها
أن أسردها
أن ألضمها في مسبحة الروح وأسمو

"مسبحة الروح" لفظ منحني شعوراً بمدى قداستها لديه، خاصة وهو يختتم حديثه عنها بسر الناسك المكنون بقلبه:

أعرف أنك روح الروح
أنك شمس تسطع أبداً أبدا
بين ضلوع السر الكامن
في أنحاء الدنيا
أنك فيض ضياء
يطلع في شهقت البوح

ويتركنا الشاعر ها هنا لحالة تأمل شبيهة بتأملات ناسكه في البداية.
وتستمر حالات الرومانسية بعيداً- أو ربما أقرب من تصوري- عن الرمزية. ففي "جنون الباليه" يدخل المحب عالم محبوبته الساحر، مندهشاً.. متلعثماً.. مفتوناً بها.
يتساءل لم هو على هذا التردد والخشية في حضرتها!

أقاوم نفسي.. وعيني.. كل أصابع قلبي
أراقب بعض جنون يقلقني،
فلا تقدر العين أن تتأملها في ثباتٍ
وأسأل نفسي:
أيعقل أن أتلعثم في كل حرفٍ؟

هنا أيضاً جاء لفظ جذب قلمي من أذنيه- كحال كل قصيدة في هذا الديوان، فحين قال "أصابع قلبي" شعرتها حبيبة من نور متصوراً لقلبه أنامل مترددة في مسها الوهمي।
ورغماً عنه في النهاية تتراص كل فضائلها على شفتيه:

إنها فتنة خالصة
ومحض شعورٍ
محض حياة
أنا في غياب
أنا في حضور
أنا أتنفس- فعلاً-
وأهذي بكل فضائلها

و"حين يحتاج القلب للنور" يجده بين يدي صديقته- والعقدة على الشاعر هنا- بمعنى الصداقة حقاً، أذنين تتلقيان ثرثرته مهما كانت وكفين تنام روحه بينهما وتشفي جراحه لمساتهما:

أنا يا صديق فؤادي،
سأجلس بين يديك
وأسمع كل حديثك لي..
وتتابع في أبيات أُخر:
أنا سأربت فوق يديك
وأمسح دموع تسيل على وجهك
المتجمد في البرد

وفي النهاية يقبل هو العطية الرقيقة بعيداً عن الأفكار المقسمة لأفكار رجولية وأخرى أنثوية، فقط روحان تلاقيا وليسا مجرد رجل وامرأة:

كوني صديقة عمري
وأختاً لروحي
ومتكأ أطمئن إليه
أنا يا رفيقة قلبي
في حاجة لهوائك
في حاجة لبهائك
في حاجة لضياء يشع صباحاً
وها ساعدي سوف يشتد
حين يهيم ويسكن تحت سمائي

وفي ختام الديوان يستعين أ. (شعبان) بجزء من مشاهد "هاملت":

وأهتف: (اغفري لي موعظتي..
في هذا الزمن المنتفخ الأجوف
لابد للفضيلة نفسها أن تطلب من الرذيلة الغفران،
بل تنحني وتسأل ما الإذن لتكون في خدمتها)

يقص لحظات عجيبة بين اثنين تلاقيا صدفة رغم سنوات طوال من المعرفة، كانا كأنما يلتقيان للمرة الأولى.. كانت المفاجأة!لم يكونا حبيبين ولا صديقين ولا أي شيء سوى تفتح نهار على ما هو جديد. صراع بين فعل الفضيلة والرذيلة فيما يحدث- الذي يبدو أنه رمزية القصيدة هنا- فمتى الفعل يكون أو لا يكون إثماً؟!.. ذكرني بجملة "هاملت" الشهيرة: أكون أو لا أكون تلك هي المسألة!

أحلامه ليست شكسبيرية.. فحسب - 2


(2)

لما كان من الصعب إغفال أي من قصائد "أحلام شكسبيرية" دون التعرض لها، كان يجب عليَّ الاستمرار في التنقل بين مجموعة جديدة في عالم الأستاذ (شعبان يوسف) الكلاسيكي.
في "صرخة هاملت وذراع أوفيليا"، يحمل سيفاً ثائراً محارباً به العرش ويعلن أن الدماء السائلة من جسد هذا العرش لا تحمل شرفاً أو عدلاً:

وأعلن- ذات صباح-
وأنا في تمام البهاء،
بأن الدماء،
التي سوف تقطر من جسد العرش
لن تصنع الشرف المدعي
ولن تتمنطق بالعدل
-إلا قليلاً –
ولن يسمع الله- يا إخوتي –
إلا صراخ الحقيقة
إذن أين هي تلك الحقيقة التي لن يسمع الله صراخاً إلا لها؟!

ونراه- "هاملت"- يناجي "أوفيليا" الحق والحقيقة المرجوة، حين يراها في ضريح الزعيم بذراع مكسور كأنما هي حقيقتنا غير المكتملة، ورغم ذلك هي مشرقة آملة يستمر تمسكه بحبها لنهاية الأبيات فهي الغد المأمول رغم كل من أحالوا بينهما:

أحبك حبين،
(حب لأنك أهلٌ لذاك)
وحب لأن الذين يحطون كل الحجارة
بيني وبين سماءك
ذابو
وآبو
وأفزعهم،
أن أرضك ليست لبيعٍ
ولا تستباح بيسرٍ
ولا أنت تستسلمين لموعظة كاذبة

ونكتشف في أبيات لاحقة أن غرامه بها موروثاً ووصية من أبيه بتطهير العرش ونجدتها رغم أقاويل كُثر تتطاير من المحارق- النازية ربما وإذن فأوفيليا هي حلم أبا "هاملت" المفقود لذا ينشد خاتماً:

سأقول:
بأن خيال أبي
صار محض حقيقة،
وأن وصاياه
صارت قرابين
أرفعها كل يومٍ
كفزاعة في الفضاء الفسيح..
وأن ذراع أوفيليا الشريفة،
تصبح عكازتي الشاردة

في "استطراد" يستطرد أ।(شعبان) حول مخاوفه على "أوفيليا" الحلم، ورغم الألم والمعاناة لازالت آملة في الغد، يراها حبيبته وبينه وبينها كلاسيكية "شكسبير" تنسج أروع الخيالات. وتخبره هي في النهاية أنها الإلهام حتى النهاية:

تحاول أن تجعل الحلم متكأً ودليلاً
وترفع رايتها المستقرة،
تبدأ كل الأحاديث باسم السلام
وتنشد عدلاً
ويتابع على لسانها في النهاية:
وتقول: سأمنح روحك بعض جمالي
وبعض جنوني وبعض جموحي
ولكنني سأكون فراشة قلبك في كل وقت
أصعد نحو سماء طموحي

وحين يرى المحبوبة فـ "حديثها قمر وشموس"، حالة رومانسية ناعمة اختلط على الأمر فيها بين رومانسيتها المباشرة وبين تأويلها الرمزي ربما وقد استرحت للرومانسية البسيطة ورقتها إذ يقول:

وأن الذي يتفجر من شفتيها
ليس كلاماً.. وليس حديثاً.. ولكنه
قمر وشموس وبعض نجوم صغيرة!

ويختتم بقول بعهد يقطعه على قلبه:

سأنهض
حتى أؤدي التحية والحب والاحترام
لكل مظاهرها الفاتنة
لكل خطاها التي تجعل الأرض
مثل سماء

وفي "من شرفتها العالية"، تمتد الحالة الحالمة فيبث معشوقته هواه ويعترف بأن "اهتزازاً جميلاً" يدخله "جنة مذهلة" حين يراها تطل من شرفتها العالية لكنه يأبى أن يكون ثقيلاً فيؤثر الصمت ويشرد حتى تباغته:

كن صديقي، وكن مثل قيثارة في حياتي
وتتركني

لكنه يبقي في النهاية مغرماً:

فيهتف- سراً، وفي ثقة-
تحت خيمتها الواقية:
إنك تسطعين عليَّ
ببعض من المفردات البسيطة
تفتح أروقة الحياة

وتترائي أكثر رومانسية الشاعر الشرقية في "عام سعيد وأمنية تتفرع"، فليس سوى المحب الشرقي من يهوى ويُغرم ويكون الله جل جلاله راعٍ لهواه المضيء، فيقول:

(تقبل..
يارب من كائناتك
وافتح لهم كل خير وكل جميل
وأسعدهم بالحياة كثيراً،
يارب..
كُن سنداً ورفيقاً وملجأنا دائماً)

وفي ليلة العام الجديد:

سيعلم
أن حبيبته سوف تشعله بحنان
مفاجئ، حين تقول له:
إننا مثل سهمين
مثل شعاعين ينسدلان على عالمٍ كاملٍ

ويعود ليؤكد أن في عقيدته الهوى ليس جرماً، فيصلى لله داعياً لمحبوبته بالخير و"بملائكة يحرسونها"، ويقر أما الله والناس في النهاية:

أحبك في كل وقت تهب عطورك
عام سعيد..
وعام سيأتي
وكل زمان
وأنت

فأمنياته لها بعام جديد وهوى لا يحرسه سوى الرحمن، هي جل أمنياته.

أحلامه ليست شكسبيرية.. فحسب - 1


(1)

"من يخالطه يجده كالنهر الذي يمنحك الغذاء أو يرويك بفيضه وفى أقل الأحوال تسر بمرآه، فله أياد بيضاء على الكثير من المثقفين وعلى الحركة الثقافية في مصر، فهو جلد صبور لا يعرف اليأس، ويتجلى ذلك في ورشته أي ’’ورشة الزيتون‘‘ بمقر حزب التجمع التي صارت كعبة للمثقفين من كافة الأصقاع، ولئن وشى هذا المسلك بشيء فأول ما يشي به هو الثبات والرسوخ على المبدأ."
تلك كانت كلمات الأديبة أ. (سامية أبو زيد) عن الشاعر الكبير أ. (شعبان يوسف)، فقد وجدتني لا أستطيع إلا أن أستعين بنعتها الدقيق لشخصه وصفاته، ذلك الأستاذ والمناضل الثقافي الباحث دائماً- وعلى مدار ربع القرن- عن نبتة الخير في أقلام الشباب أمثالنا.
حين تصفحت "أحلام شكسبيرية" للأستاذ (شعبان يوسف)، وجدته يصحبني في عالم كلاسيكي حالم وفي ذات الوقت مغرق في هموم الواقع!
فـ "شكسبير" بكل كلاسيكيته وشخوصه الحالمة الرومانسية لم يستطع أن يطغى على الروح الشرقية للشاعر، فكانت فقط مجرد ألوان ريشات تتناسب ورسمه للمعاني.
اختار أرق شخوص "شكسبير" ليصورها كالوطن!.."أوفيليا"، شعرت بها وطناً يود المرء لو يهبها كل شيء فتكون علياؤها أقصى أمنياته، لكنها أمنيات تتكسر وسط المستأثرين بالوطن منّا.. فيقول في (من أجل أوفيليا):

ويتركها- هكذا- بين تلك الحشود العتيدة
يرقبها.. هادئا.. هادئا
من مكان قريب منزلها
تتسامق عالية مثل مأذنة ترتقي للعلا
ولكنها لا تنام.
بينما يقول في (طرف من اعترافات هاملت):
لماذا كولوديوس يقتل النبيل؟
ويخطف ألفته الدافئة؟
وكيف يكون بولونيوس
والد هذا الجمال؟
وكيف أنا سأصير إلى مأتمٍ معتمٍ هكذا؟
إذن سوف أعلن يا أصدقائي الكرام:
إنني لم أكن قائدا ماهرا لحياتي
التي ذهبت،
وحياتي التي ستجيء.
فقط...
كنت أحرس بعض حقول من العشب
والعدل،
والبرتقال...

"هاملت" هنا لا يشكو الخيانة والقبح، "هاملت" هنا هو المثالي الحالم.. قليل الحيلة- كعادة اكتسبها من الغدر الواقع عليه لسنوات. يعترف أنه لا يقوى على أن يكون القائد المناسب للوطن- في كلماتٍ تذكيرية باتهام (ناصر) بالوقوع في خطيئة الرومانسية الثورية- وأنه ليس سوى حارس خارج أسوار عدل الشعوب.
ويعود "هاملت" فيعترف بذنب في حق ضحية- وإن تملص من اقترافه:

وأعود..
وأوقف تلك الشهيدة
تحت مصابيح أسئلتي
وأعلنها:
أنني لم أكن قاتلا
بل قتيلا،
ولم أقترف- تحت هذي السماء النبيلة-
أي جرائم،
لم أكن شاهداً.. بل شهيدا...

وحين يواجهنا أ। (شعبان) برؤياه للحلم، نجد الأرض الطيبة محدثة ماهرة صبورة وشامخة رغم الجسد المثخن بجراح الطمع والاستنزاف. تشكو اللئام في هدوء متقبلة لأفاعيل القدر، ساخرة من الإنسان الحيوان الذي يعيش فقط لهثاً خلف أطماعه كحال الساسة الناهبين. فيقول في (أحلام شكسبيرية):

إنني يا صديقي البعيد
الذي يتهدج في الهاتف المعدني..
سئمت الذين يحطون أنفسهم في مواجهتي..
يرغبون في التواصل،
دون اكتشاف لروحي
ودون اختبارٍ لمعرفة القدر المتربص دوماً
أنا يا صديقي، أعيش الحياة بقوة،
وأسأل(ما الإنسان؟ إذا كان همه وانتفاعه بحياته أن ينام ويأكل؟..
حيوان لا أكثر!)

وفي استخدام أ. (شعبان) للفظ "يرغبون في التواصل" ما ذكرني بجمل برامج المحادثة الشهيرة، كأبلغ تدليل على أن مقاعد السلطة- دائماً وحتى عصورنا الحديثة والإلكترونية- قد تحمل من لا يعرف معنى للأرض الموكل عليها وإن كان يتودد في رغبة زائفة للتواصل الطامع.
ولا يزال الشعور يداخلني عن اتصال كل قصائد الديوان كوحدة روحية واحدة، تجعل اختلاف العناوين مجرد فواصل لالتقاط أنفاسنا ليس إلا.
فـ "أوفيليا" تعود لحالة من رثاء الذات كأنما وصلنا لنقطة هذيانها لدى "شكسبير" لكنها تهذى بالحق حين يقول أ.(شعبان) على لسانها في (صعود أوفيليا):

لا بديل..
سوى أن أعود لنفسي وأسألها:
أي عاصفة تنتظرني؟
وأي اغتراب سيقتلعني من جذوري؟
وأي خرابٍ يعشش في قمة العرش؟
وهل أن تلك البلاد بلادي؟
وهل هؤلاء الذين يحيطون بي...
يصيرون أهلي؟

وكاستسلام للحال تتقوقع "أوفيليا" على ذاتها في حجرة روحها مثلنا جميعاً على الطريقة "النعامية" في الهروب بين حبيبات الرمال، فتقول بحروف أ. (شعبان):

لا بديل،
سوى أن أرتب حجرة روحي،
وأسكنها،
لن أغادرها أبداً
سوف أدعو الرفاق إليها
وأجلسهم واحداً واحداً
ثم أسمعهم آيتي
- ما آيتي؟-
ويتابع بعدها مفسراً ما تلك الآية قائلاً:
آيتي أن أفك طلاسم تلك الرموز
التي رافقتني- طوال حياتي- وفرَّت،
بعد أن طعنت فطعنتي طعنة غادرة
وتهاوت تماماً

ورغم ذلك "أوفيليا" الشعبية ستبقى منعزلة في حجرة روحها "النعامية" الجدران رغم الخراب فوق العروش والطعنات الغادرة، وتبقى فقط تتأمل!.. إلى متى يا ترى؟
الحق أنني لست بمتخصصة أبداً ولكني فقط قارئة سجلتُ ما وقر في نفسي من معانٍ بين ضفتي الديوان، فتابعوا معي الحلقات القادمة للغوص أكثر في "الأحلام الشكسبيرية".