الخميس، 25 نوفمبر 2010

"محمود منسي" إنسان.. بدائي - 1


(1)

"عندما كنا نقرأ سورة يوسف تمنينا أن نكون مكان نبي الله يوسف، ليس لأنه نبي الله وليس لأنه أجمل خلق الله ولكن لأن امرأة العزيز قالت له "هيت لك. فلو كنا مكانه لقلنا لها هيت لكِ
وليرانا بعد ذلك العزيز وليفعل بنا ما يشاء"
توقفت قليلاً أتأمل تلك السطور المتصدرة خلفية المجموعة القصصية "مشاهد مختلفة من حياة إنسان بدائي" للكاتب الشاب (محمود منسي)، والصادرة عن دار "هفن" للترجمة والنشر.
تذكرت هنا قولاً حكيماً عن معنى الشجاعة، وأنها ليست ألا يخاف الإنسان بل هي أن يقدم على مواجهة خوفه رغم ذلك الخوف. كذلك أرى الفضيلة ليست مبدأ نردده ولكن، أن يمكننا أن نقول لامرأة العزيز- ونحن تحت تأثيره فتنتها- "إنَّا نخاف الله".
وفي مرور سريع على قصص المجموعة- الستة عشر- أصحبكم معي للاستمتاع والتأمل.
لم تفارقني ابتسامتي لكلمات (محمود) في الخلفية واستمرت معي وأنا أقرأ "مذكرات مستهتر"، فأحداثه حقيقة جداً وصريحة حد الحدة. وإذا أردنا اختصار كل معاني مثالية الحب والوعود، ومواجهته لارتباط المستقبل المزدهر بالمادة والمركز المرموق.. والعروس، وفي النهاية تكسر وعدين حالمين ولكن بلا دموع.. سنقرأ "دبلة".
أما "أثر رجعي"، فبدت لي من السطح ككابوس مزعج لكن بمفردات البيت والأهل والرجل الممتلئ نقوداً يبتاع بها البيت بلا اعتراض- كأنما النقود الوفيرة ثمن كاف لرقهم على أرضهم المنتزعة من صاحبها عنوة بعد أن رفض الصفقة، لكن في النهاية وجدته استعماراً إرادياً ربما.
حين تملأنا الأوهام قد نضخم ذواتنا بشدة لدرجة لا يمكننا معها إدراك حقيقتنا مرة أخرى.. فتضيع تلك الحقيقة مشتتة كـ "ظلال".
"لامبالاة" رائعة، ليست اللامبالاة كصفة هي الرائعة بالطبع ولكنها "لامبالاة" (محمود منسي)
فهو دقيق الوصف والتشبيهات، قريب من الأذهان ورمزيته ليست مرهقة بالمرة. يصور في "لامبالاته" حالة التبلد المتفشية في مجتمعنا أمام الاغتصاب السوري- المسكوت عنه- للفتيات الواحدة تلو الأخرى- الشعوب- وتحول حتى الشجب والاعتراض إلى.. لا مبالاة حتى بالتأفف.
(محمود) يمس الكثير بقلمه، وفي "ماما" ترسم كلماته البسيطة النافذة معنى الجمود الديني بشكل مذهل، فنكتشف تربية نفوسنا على الخوف من البشر أكثر من خالقهم عز وجل.
في "عتمة الليل" يدور ويدور.. كترس في آلة الحياة بلا حس أو شعور، فيعيش بعيداً حتى عن ذاته بين أدخنة المخدر، مشاهداً سلبياً حتى لأحداث حياته هو.
ربكة إبداعية نجدها في "سقوط متعمد".. لقطات مبتورة تجبرنا على شدة الانتباه لأحداث متداخلة في نفس اللحظة التي يعيشها الشاب داخل الحافلة مسرح الحدث. ونجد أن السقوط المتعمد هنا ليس لقطة من الأحداث ليستمتع الشاب بجسد التي بجواره فى الحافلة، بل هو سقوط بعض جزيئات الحدث التي لن يعيدها الشاب على نفسه ليسردها لنا- كما في الأفلام- لأنها جزء من تاريخه بالفعل.كانت تلك بعض انطباعاتي على جزء من مجموعة (محمود منسي) الجديدة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق