الأحد، 21 نوفمبر 2010

أحلامه ليست شكسبيرية.. فحسب - 2


(2)

لما كان من الصعب إغفال أي من قصائد "أحلام شكسبيرية" دون التعرض لها، كان يجب عليَّ الاستمرار في التنقل بين مجموعة جديدة في عالم الأستاذ (شعبان يوسف) الكلاسيكي.
في "صرخة هاملت وذراع أوفيليا"، يحمل سيفاً ثائراً محارباً به العرش ويعلن أن الدماء السائلة من جسد هذا العرش لا تحمل شرفاً أو عدلاً:

وأعلن- ذات صباح-
وأنا في تمام البهاء،
بأن الدماء،
التي سوف تقطر من جسد العرش
لن تصنع الشرف المدعي
ولن تتمنطق بالعدل
-إلا قليلاً –
ولن يسمع الله- يا إخوتي –
إلا صراخ الحقيقة
إذن أين هي تلك الحقيقة التي لن يسمع الله صراخاً إلا لها؟!

ونراه- "هاملت"- يناجي "أوفيليا" الحق والحقيقة المرجوة، حين يراها في ضريح الزعيم بذراع مكسور كأنما هي حقيقتنا غير المكتملة، ورغم ذلك هي مشرقة آملة يستمر تمسكه بحبها لنهاية الأبيات فهي الغد المأمول رغم كل من أحالوا بينهما:

أحبك حبين،
(حب لأنك أهلٌ لذاك)
وحب لأن الذين يحطون كل الحجارة
بيني وبين سماءك
ذابو
وآبو
وأفزعهم،
أن أرضك ليست لبيعٍ
ولا تستباح بيسرٍ
ولا أنت تستسلمين لموعظة كاذبة

ونكتشف في أبيات لاحقة أن غرامه بها موروثاً ووصية من أبيه بتطهير العرش ونجدتها رغم أقاويل كُثر تتطاير من المحارق- النازية ربما وإذن فأوفيليا هي حلم أبا "هاملت" المفقود لذا ينشد خاتماً:

سأقول:
بأن خيال أبي
صار محض حقيقة،
وأن وصاياه
صارت قرابين
أرفعها كل يومٍ
كفزاعة في الفضاء الفسيح..
وأن ذراع أوفيليا الشريفة،
تصبح عكازتي الشاردة

في "استطراد" يستطرد أ।(شعبان) حول مخاوفه على "أوفيليا" الحلم، ورغم الألم والمعاناة لازالت آملة في الغد، يراها حبيبته وبينه وبينها كلاسيكية "شكسبير" تنسج أروع الخيالات. وتخبره هي في النهاية أنها الإلهام حتى النهاية:

تحاول أن تجعل الحلم متكأً ودليلاً
وترفع رايتها المستقرة،
تبدأ كل الأحاديث باسم السلام
وتنشد عدلاً
ويتابع على لسانها في النهاية:
وتقول: سأمنح روحك بعض جمالي
وبعض جنوني وبعض جموحي
ولكنني سأكون فراشة قلبك في كل وقت
أصعد نحو سماء طموحي

وحين يرى المحبوبة فـ "حديثها قمر وشموس"، حالة رومانسية ناعمة اختلط على الأمر فيها بين رومانسيتها المباشرة وبين تأويلها الرمزي ربما وقد استرحت للرومانسية البسيطة ورقتها إذ يقول:

وأن الذي يتفجر من شفتيها
ليس كلاماً.. وليس حديثاً.. ولكنه
قمر وشموس وبعض نجوم صغيرة!

ويختتم بقول بعهد يقطعه على قلبه:

سأنهض
حتى أؤدي التحية والحب والاحترام
لكل مظاهرها الفاتنة
لكل خطاها التي تجعل الأرض
مثل سماء

وفي "من شرفتها العالية"، تمتد الحالة الحالمة فيبث معشوقته هواه ويعترف بأن "اهتزازاً جميلاً" يدخله "جنة مذهلة" حين يراها تطل من شرفتها العالية لكنه يأبى أن يكون ثقيلاً فيؤثر الصمت ويشرد حتى تباغته:

كن صديقي، وكن مثل قيثارة في حياتي
وتتركني

لكنه يبقي في النهاية مغرماً:

فيهتف- سراً، وفي ثقة-
تحت خيمتها الواقية:
إنك تسطعين عليَّ
ببعض من المفردات البسيطة
تفتح أروقة الحياة

وتترائي أكثر رومانسية الشاعر الشرقية في "عام سعيد وأمنية تتفرع"، فليس سوى المحب الشرقي من يهوى ويُغرم ويكون الله جل جلاله راعٍ لهواه المضيء، فيقول:

(تقبل..
يارب من كائناتك
وافتح لهم كل خير وكل جميل
وأسعدهم بالحياة كثيراً،
يارب..
كُن سنداً ورفيقاً وملجأنا دائماً)

وفي ليلة العام الجديد:

سيعلم
أن حبيبته سوف تشعله بحنان
مفاجئ، حين تقول له:
إننا مثل سهمين
مثل شعاعين ينسدلان على عالمٍ كاملٍ

ويعود ليؤكد أن في عقيدته الهوى ليس جرماً، فيصلى لله داعياً لمحبوبته بالخير و"بملائكة يحرسونها"، ويقر أما الله والناس في النهاية:

أحبك في كل وقت تهب عطورك
عام سعيد..
وعام سيأتي
وكل زمان
وأنت

فأمنياته لها بعام جديد وهوى لا يحرسه سوى الرحمن، هي جل أمنياته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق