الخميس، 25 نوفمبر 2010

"محمود منسي" إنسان.. بدائي - 2



(2)

بدأنا في الحلقة الماضية التعرض للمجموعة القصصية الجديدة للكاتب الشاب (محمود منسي)، "مشاهد مختلفة من حياة إنسان بدائي"، الصادرة عن دار "هفن" للترجمة والنشر.
وكنا توقفنا في تأهب عند القصة صاحبة عنوان المجموعة، "مشاهد مختلفة من حياة إنسان بدائي". بدت لي كتخاريف مهووسة، لكن في كل مشاهدها انعكاس لمتناقضات نحياها في كل شيء.. الغريزة والرغبة السرية.. عدالة الحُكام وتحولهم بلا مبالاتهم لأحادي القرن!..
بين الدين والتدين وحتى في هذا التناقض بين التخاطب بالألسنة أو "بالعافية".
في "موس حلاقة" تساءلت، أليس في الحب وفاء سوى مع الرحيل؟!.. تفاصيل القصة خفيفة الحركة كعادة (منسي)، لكن أن يسلك المحب أمراً لمجرد الوفاء لحبيبته وفي النهاية ينتظر الموت مبتسماً... نهاية قاتمة رغم تناسب تلك القتامة مع وفاءه لها.
ونراه بعد فترة يقتحم عالم الفتيات في "مائل للحرارة"، يتحدث بشعورهم ويدخلنا أيضاً بكامل ارادتنا حتى نصل لصدماته المعتادة بين السطور حين تحاول الفتاة استشفاف فكر رجلها من خلال مذكرات أخيها الخاصة حول حبيبته... أو رفيقته إن جاز التعبير.
وابتسم رغماً عني اعجاباً، فليست كل عناوين (منسي) غريبة بقدر ما هي مناسبة للنص. لكن هنا يلخص اليوم بأكمله في "ملخص ما تم نشره" في تلك الحكمة التي نقرأها على نتائج التقويم يومياً!...
وبالطبع تجاهل مواقيت الصلاة يدل على تركيبة الشخصية بشكل بسيط ونافذ في آن واحد. شخص لا مبالي لا يتخذ أي فعل إيجابي أبداً، ومن بين زوجة مرتبة وحبيبة متلهفة يرحل بقرار أول ووحيد.
"أحادي القرن"، امتهان خرافي للإنسانية تسخر منه في النهاية رغم الألم، فهي ستبقي إنسانية!
ولا أدرى أكان علي الابتسام في "هي وهي" لتدافع المعاني بشكل جميل، أم أحزن..
على أي حال قد مثل (منسي) جيداً من بيده سلطة يستخدمها لأغراضه هو، ومن منطلق "حاميها حراميها" لا يوقفها رغم فاحشتها بل يتركها تمارس رذيلتها طالما... معه!
ما أصابني هنا التأمل.. "بنحب ربنا".. مشاعر طفل مسيحي يتساءل عن جدوى الديانات إن كانت تفرقنا- وهي في حقيقتها لا تفعل بل نحن نفعل. وتساءله البريء:
"ليه ما خلوناش كلنا نحب ربنا ونخش الجنة؟"
يواجهنا كلنا فيه، كلا الديانتين "بتحب ربنا"... فلماذا التفرقة؟!
وفي "قطار"، رغم مساعدته لها على اللحاق بالهدف وتعرضه هو للسقوط كي تعلو هي وتلحق هدفها إلا أنه حين يسقط تطأه لتصل رغم ذلك للهدف من دونه.
في النهاية شعرت في (محمود منسي)، ثورة كامنة، وأدلل عليها بتركيزه فى مواضع كثيرة على حالات اللامبالاة بمختلف صورها. وفي المجمل استمتعت بخفة أقاصيصه وذكائها.
وإلى عمل جديد أستودعكم الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق