الأحد، 21 نوفمبر 2010

"سامية أبوزيد" تكتب.. مسألة مبدأ


كنا دوماً على خلاف معها حول ما إذا كانت تصنف كقاصة أم لا، وكنا رغم اقتناعنا برأينا- أنها قاصة متميزة- نشك أحياناً في موضوعيته لأننا نحب فيها الإنسانة قبل الكاتبة المعلمة.
لكن حين ينصف رأينا د. (عبد المنعم تليمة) ويؤيد مصداقيته بمكانة أ. (سامية أبوزيد) كقاصة مبدعة، فهذا يحسم القضية.
في قراءتي لمجموعتها (فرشاة أسنان وحيدة) أنا لست بناقدة، ولكني شعرت بخط يربط الثلاث وعشرين قصة، اندهشت مني أستاذتي حين أفضيت لها به. فعادة في القصص نجد من يتعرض لمشكلة ما بالتفنيد والإيضاح والإبراز ليضعها لنا في بؤرة الضوء علنا نهتدى بهذا لحل لها، هكذا بلا حل يقدمه. أو أن يتجاوز الكاتب هذا إلى حل يقترحه للمشكلة.. وفي النهاية كلاهما قد يُلام.
فيُلام من لم يعطى حلاً لتركه الأمر منعقد حتى النهاية كأنما نطالبه بمعجزة في بضع سطور، والآخر يُلام إن لم يتناسب الحل مع الجميع كأنما حله يجب أن يكون "أوول سايز" لنا جميعاً.
لكن ما فعلته أستاذتي هنا يخالف الأمرين، فبعد التفنيد والإيضاح أنتظرت لأرى على أي الضفتين سنرسو لأفاجئ بها0 غير مندهشة- تمنحنا كلمة السر!.. فتضع معادلة تبرز لنا بها كيف يمكننا التفكير للوصول إلى حل يتناسب مع كل منا. لم تمنحنا حلاً فتُلام ولم تمسك يدها عنه فيحدث لها المثل..
فنجد في "صفعة مؤجلة" سلسلة من التنازلات تفاجئت البطلة بأنها تقدمها لسبب أو آخر، ففي البداية تنازلت عن مبدأ رفض عمالة الأطفال لتعيين بمنزلها طفلة للعمل واكتفت بمبرر أنها لا تسيء معاملتها- وقد كانت كذلك بالفعل- لكنه بقي تنازلاً عن مبدأها ساقها بعد فترة لتنازل آخر أساءت فيه معاملة الخادمة الطفلة لجُرم اقترفته الأخيرة.
وفي النهاية تنازلت للحظات عن مبدأها في التخلي عن الضرب كوسيلة لمعاملة أطفالها حين صفعت طفلها الصغير وبقيت تؤنب ذاتها ليس لشيء سوى لاكتشافها أن سلسلة التنازلات قد انعقدت حول جيدها.
لم تعطينا أ. سامية حلاً بل أعطتنا معادلة الحل، قانون العمل الذي يمكننا أن نسترشد به وتكون مسئوليتنا بعدها الوصول للنتائج أو الحلول.
فالانسان + قناعاته الخاصة = مبادئه
وعليه فكل منا عليه التحقق من أطراف المعادلة جيداً لكي يصل للنتيجة، فالعامل المفتقد من
المعادلة لدى كل منا يختلف عن الآخر، فكيف بها إذن ستقدم لنا حلاً يرضى جميع الأطراف؟!
وإذن لكي لا تتلبسك سلسلة التنازلات تلك عليك التمعن أين أنت من المعادلة المرشدة للأستاذة، ما الذي تفتقده إن وقعت في التنازل؟.. هل بعض من إنسانتيك أم جزء من قوة قناعاتك الخاصة؟.. وعلى هذا الدليل سر.
أيضاً في "حبس إنفرادي" لم تكن المشكلة بمفهومها الكامل، بل كانت معاناة وحدة ويأس يصر على الإطباق على حياة البطلة. وكادت الأستاذة أن تصرخ لنا من بين سطورها بالمعادلة المطلوبة
الأمل = الحياة أو الحياة = الأمل
فالطرف الأيمن يتحدد وفقاً لأولويات كل منا، فمنا من يحرص على الأمل ليحيا ومنا من يحرص على الحياة لما يأمله غداً.
لكن في النهاية، لولا الأمل ما استطاعت البطلة أن تستمد الحياة من شعاع ضوء هزيل متجدد يومياً- ولا يجدده سوى أملها في رأيي.
وعلى نفس النسق سارت باقى المجموعة، فمن بين معادلات الكيميائية (سامية أبوزيد)، خرجت لنا القاصة (سامية أبوزيد) بتأملات مدققة للنفس البشرية وتباين مآربها ووجدت حلاً يرضى الجميع.. ولكن فقط حين يعملون عقولهم حقاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق